حماس والانتخابات

حماس والانتخابات.. لماذا أبدت مرونة

  • حماس والانتخابات.. لماذا أبدت مرونة

اخرى قبل 4 سنة

حماس والانتخابات.. لماذا أبدت مرونة

عماد عفانة

جاهزين، كانت الايقونة الإعلامية التي استخدمتها حركة حماس للتعبير عن موافقتها وجهوزيتها لخوض الانتخابات الفلسطينية الشاملة التي دعا إليها محمود عباس مع عدم الممانعة في أن تجري هذه الانتخابات الشاملة بشكل متوالي، كما عبر عن ذلك قائد حماس إسماعيل هنية.

جاهزين، ربما تكون عنوان للحملة الانتخابية التي ستنظمها حماس، لخوض هذه الانتخابات التي لا تملك الكثير من الحظوظ لإجرائها لأسباب مختلفة.

جاهزين، والتي انتشرت كالنار في الهشيم فور أن نطق بها قائد حماس في غزة يحيى السنوار، ثم أصبحت مانشيت عريض على أبرز لوحة إعلانات وسط غزة، يوحي بأن هذه الكلمة الصغيرة البسيطة، تخفي خلفها كثير من التخطيط والاعداد والتجهيز، لتفعل هذه الكلمة أفاعيلها في إحداث الصدمة، لدى الأطراف التي راهنت على رفض حماس للانتخابات، منطلقين من واقع متوالية الأزمات التي نجح خصوم حماس في افتعالها.

صحيفة الواشنطن بوست قالت في خبر لها أن “حماس” نجحت في تجاوز “كمين الانتخابات” الذي نصبه عباس”

وأضافت الصحيفة أن مرونة حماس جعلت العملية الانتخابية جدية، وأنها لا تخشى نتائجها، فباتت الكرة في ملعب عباس الذي لا زالت أوضاعه الداخلية مهلهلة وغير جاهزة.

وألمحت الصحيفة أن عباس راهن على تشبث حماس بمواقفها، وتمترسها خلف شرط “الانتخابات المتزامنة” هرباً من الدخول والخسارة فيها، فيتم استغلالها لاتهامها بعد ذلك بتعطيل الانتخابات، ومن ثم مهاجمتها وتحريض الرأي العام والأطراف الأخرى عليها.

حماس التي تدرك خيوط اللعبة جيداً نجحت في النجاة من كمين الانتخابات، وقالت وبكل ثقة عبرت عنها لغة جسد السنوار الذي بدى فاتحا ذراعيه وملوحا بهما، وهو يصدح بكلمة “جاهزين” أمام وسائل الاعلام التي احتشدت لرصد المفاجأة.

فنجح السنوار في إعطاء الانطباع أن حماس تذهب للعملية الانتخابية بكل ثقة، مستنفرة كل أدواتها وعناصرها لتحقيق الفوز فيها.

جاهزين، فيما تعنيه أن حماس اتخذت قراراً بالخروج من الواقع الحالي، وتغييره بمشاركة الفصائل الفلسطينية الأخرى، ما يجعلها أكثر قدرة على قيادة لعبة الانتخابات، في مواجهة أي خطة لتحميلها مسؤولية إفشال دعوة عباس التي أطلقها من فوق منبر الأمم المتحدة، لتصبح الانتخابات مطلب دولي أيضا لتجديد الشرعيات.

رغم ذلك ذهب البعض إلى أن سر كلمة “جاهزين” هو عدة احتمالات:

1.أن حماس متأكدة أن عباس لن يذهب للانتخابات، انطلاقاً من حجم العقبات والمطبات التي تعترض العملية الانتخابية، وبذا فهي تعبر عن جهوزيتها لحشر عباس في الزاوية.

2.أن حماس تراهن على شعبيتها، حيث نجحت خلال الفترة القريبة الماضية في استعادة جزء مهم من حاضنتها الشعبية، عبر التواصل والتقرب من العائلات الغزية الكبيرة، ورد كثير من المظالم لأصاحبها، إضافة لامتلاك حماس ورقة بالغة الأهمية كفيلة باستعادة ما خسرته من حاضنتها الشعبية نتيجة الحصار أحيانا وسوء الإدارة أحيانا أخرى، هذه الورقة هي أسرى العدو الذين تراهن حماس عليهم لفتح بوابات الحرية للألاف من الأسرى في سجون الاحلال.

3.أن حماس تراهن على عدم جهوزية حركة فتح المنشغلة بانقساماتها الداخلية، وصراعات أقطابها على خلافة عباس في موقع الرئاسة، إضافة لما بات يشكله التيار الاصلاحي من منافسة مزعجة لفتح عباس في مختلف المواقع، هذا التيار الذي سيحرص على دخول الانتخابات بكل قوة لاكتساب الشرعية التي نزعها عباس عنه.

4.أن حماس تراهن على أن العدو الصهيوني وقوى الإقليم، ومعها عباس، التي فرضت العزل والحصار على حماس، لإخراج حماس والمقاومة من المشهد السياسي وحرمانها من الشرعية التي حازتها عبر صناديق الاقتراع، لن تسمح لحماس باستعادة هذه الشرعية مرة أخرى عبر الصندوق، وذهاب 12 سنة حصار هباء منثورا.

لكن لماذا قبلت حماس بالانتخابات غير المتزامنة؟

لأن حماس هي الرابح الأكبر من مجرد اجراء هذه بالانتخابات، بغض النظر عن النسبة التي ستحصل عليها، فالانتخابات تعني حكومة وحدة وطنية، وتعني رفع الحصار عن غزة، وتعني الغاء كافة العقوبات التي فرضها عباس على غزة، وتعني الالتئام في لجنة حوار وطني للتشاور حول الانتخابات على الأقل، وتعني رفع الحجر عن دخول حماس منظمة التحرير عبر المجلس الوطني، وتعني أنه ستكون لحماس كلمة ثقيلة في تحديد هوية الرئيس القادم.

حتى وإن اكتفى عباس بإجراء انتخابات تشريعية إذا جاءت النتائج خلافا لتوقعاته، وتنكر لوعده بإجراء انتخابات متوالية رئاسية ومجلس وطني، فستبقى حماس رقم ثقيل في الميزان المحلي والإقليمي والدولي لا يمكن تجاوزه.

إذا فالانتخابات بكل ما عليها ستكون أفضل مما هو عليه الواقع الآن

لكن ماذا عن الذين يعتبرون أن إجراء الانتخابات هو تجديد عملي لاتفاق أوسلو الذي تسفك “إسرائيل” دمه صباح مساء.

 وهنا يمكن القول إن حماس التي ترى في نفسها المؤهلة لقيادة المشروع الوطني نحو الحرية والتحرير، مستعدة للتعامل مع معطيات الواقع وإن كانت ترفضه، حتى تنجح مساعي وخطط استبداله، مستقوية بالإجماع الذي نجحت في صناعته مع مختلف القوى والفصائل.

ختاما أرى أن هذا زمن الحرب وليس زمن الانتخابات، لكثير من المؤشرات والاعتبارات التي لا مجال لذكرها.

كاتب فلسطيني

 

التعليقات على خبر: حماس والانتخابات.. لماذا أبدت مرونة

حمل التطبيق الأن